يعمل أحد أعضاء هيئة التدريس في معهد مصدر بالتعاون مع إحدى خريجي المعهد على دعم الجهود العلمية والبحثية في االامارات عبر إفساح المجال أمام علماء وباحثي الدولة للاستفادة من بعض أكثر المرافق العلمية والبحثية تقدماً حول العالم.
فقد قام الدكتور فيصل المرزوقي، أستاذ مساعد في الهندسة الكيميائية والبيئية وخريج الدكتوراه من معهد مصدر، ومجد الساري الميهري، خريجة ماجستير هندسة النظم الدقيقة دفعة 2014 في معهد مصدر، وطالبة الدكتوراه حالياً في جامعة كامبريدج، بتأسيس “جمعية الإمارات لمستخدمي السنكروترون” الأولى من نوعها، والتي تمكنهم من استخدام أجهزة السنكروترون (المسارع الضوئي التزامني) المتوفرة حول العالم.
ويتميز جهاز السنكروترون بشكله الأسطواني الضخم والذي يفوق حجم ملعب كرة القدم، ويتم فيه تسريع حركة الجزيئات لإنتاج أشعة سينية أكثر سطوعاً من أشعة الشمس بمئة مليار مرة. وهذا يتيح إمكانية دراسة عينات بدقة متناهية في مختبرات تعد الأكثر أهمية في عالم البحث العلمي.
وقال المرزوقي: “لطالما كان استخدام مراكز أبحاث السنكروترون محدوداً، نظراً لعدم ارتباط الدولة في الوقت الحالي بأي عضوية انتساب لأي منها. فقد كان استخدام الباحثين الإماراتيين لأجهزة السنكروترون مرهوناً بكون الباحث الرئيسي ينتمي إلى أحد مراكز السنكروترون المشاركة في المشروع أو إلى جهة تحظى بعضوية في أحدها”.
يذكر أن هناك حالياً أقل من مئة مركز لأبحاث السنكروترون في العالم، وغالباً ما يكون استخدامها محدوداً للغاية، إذ يتطلب اشتراك عضوية مكلف للغاية، أو دفع رسوم استئجار لا تتحملها سوى شركات التكنولوجيا الكبرى، أو اختيار المشاريع المقترحة من قبل العلماء وفق علمية تنافسية. حيث يعجز الباحثون في الدول النامية على الحصول على الموافقات اللازمة لمشاريعهم البحثية مما يضطرهم اللجوء إلى خيار دفع الرسوم المرتفعة لدخول أحد مراكز أبحاث السنكروترون.
وتهدف هذه الجمعية للجمع بين العلماء في الإمارات وخبراء السنكروترون لاكتشاف سبل توظيف أبحاث السنكروترون في دعم تطوير القطاعات الحيوية في دولة الإمارات، إضافة إلى ترتيب الاشتراك في عضوية مراكز أبحاث السنكروترون المتقدمة والمحدودة. وتم عقد أول اجتماعات الجمعية، تحت رعاية شركة (XENOCS)، المتخصصة في تقنيات تصنيف المواد النانوية، وبدعم لوجستي من نادي الإمارات العلمي، اليوم 6 ديسمبر في “غرفة دبي”.
وأوضحت مجد الساري المهيري : ” نسعى لإنشاء هذه الجمعية منذ نحو عامين، ونأمل أن تساعد العلماء في الإمارات على الاستفادة من مراكز أبحاث السنكروترون، ما يسهم في دعم مساعي الدولة لتحقيق التفوق العلمي والصناعي”.
ويهدف الاجتماع إلى تحديد احتياجات العلماء في الإمارات المتعلقة بتقنيات وأنواع أجهزة السنكروترون. وسوف تركز الجمعية في الخطوة التالية على تحديد أفضل الخيارات الخاصة بأبحاث السنكروترون من حيث تكلفتها وحجم فائدتها على الدولة.
ويجري استخدام ضوء السنكروترون بهدف إحراز خطوات متقدمة في عمليات البحث والتطوير ضمن العديد من المجالات، من ضمنها علوم الأحياء، والأبحاث الطبية، وعلوم البيئة، والزراعة، واكتشاف المعادن، والمواد المتقدمة، والهندسة، وعلم الأدلة الجنائية. ومن المتوقع أن تساهم هذه المبادرة في تسريع وتيرة الابتكار في القطاعات الوطنية الرئيسية السبعة التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للابتكار في الإمارات وهي الطاقة المتجددة والنظيفة، والمياه، والتكنولوجيا، والفضاء، والتعليم، والصحة، والنقل.
وقد نجح كل من فيصل المرزوقي ومجد الساري المهيري من تحقيق إنجازات علمية بارزة. فنال الدكتور المرزوقي ميدالية “أوائل الإمارات” لعام 2015 لكونه أول مخترع إماراتي يوظف تكنولوجيا النانو في تقنية مبتكرة لتحلية المياه، وذلك خلال أطروحته لرسالة الدكتوراه في معهد مصدر. في حين استطاعت المهيري خلال دراستها في معهد مصدر تصنيع أول خلية شمسية عضوية اعتماداً على مادة البوليمر في الإمارات، كما أمضت فترة تدريبية في “مركز أميس للأبحاث” التابع لوكالة ناسا في الولايات المتحدة الأمريكية خلال دراستها الجامعية، فضلاً عن حصولها على “بعثة صاحب السمو رئيس الدولة للطلبة المتميزين” للالتحاق بدراسة الدكتوراه التي تقوم بها حالياً في جامعة كامبريدج. كما شاركت المهيري في مشروع بحثي تم خلاله استخدام “السنكروترون الأوروبي للإشعاع”.
ويأتي تأسيس “جمعية الإمارات لمستخدمي السنكروترون” في إطار سعي معهد مصدر وجهود أساتذته وباحثيه وطلبته للنهوض بمنظومة البحث والابتكار في الإمارات. يذكر أن المعهد قد قام بتدريب أكثر من 250 باحث من خارج المعهد على استخدام المجهر الإلكتروني ضمن “مختبر المجهر الإلكتروني” دعماً للمجتمع العلمي في الدولة. كما قام المعهد بإطلاق “منتدى الإمارات للابتكار وريادة الأعمال” لجمع المعنيين بالابتكار تحت مظلة واحدة والمساهمة في تطوير منظومة الابتكار الوطنية. ويعتبر معهد مصدر من الأعضاء المؤسسين لمجلس القيادات الجامعية، وهو منصة تتيح لقيادات الجامعات لقيادة الأكاديمية لتبادل الأفكار الإبداعية وتعزيز المصالح المشتركة وإطلاق مبادرات جديدة لدعم الابتكار ونقل التكنولوجيا في المنطقة